بقلم مدحت عويضة
أصبح أقباط المهجر مصدر صداع دائم للنظام المصري, لما يقوموا به من نشاط سياسي في الخارج يسبب حرج بالغ للنظام، بل أن نشاطهم تعدى مرحلة إحداث حرج واقترب لمرحلة صدور قرارات ضد النظام كما رأينا في القرار الصادر من الكونجرس الأمريكي وبيان الإتحاد الأوربي في العام الماضي.
ومن أجل ذلك يسعى النظام لإسكات أقباط المهجر بطرق عديدة, دون محاولة منه حتى لترضيتهم بأقل القليل من طلباتهم العادلة, يعلق النظام دائماً تأخرة في حل مشاكل الأقباط على الحالة الأمنية, وهي حجة كاذبة أصبحت بالية لم يعد أحد يصدقها؛ فالبطالة المنتشرة بين الشباب لا تهدد الأمن, ومناطق تُحرم من ماء الشرب والأمن مستقر وصل الأمر لرغيف العيش الذي أصبح الحصول عليه يستلزم الوقوف في طوابير طويلة لعدة ساعات، بل شهدت أماكن بيع وتوزيع رغيف العيش مشاجرات أدّت لسقوط ضحايا من أجل الحصول على رغيف العيش والأمن مستقر.
ودعنا من كل ذلك انظر لحرب غزة الأخيرة التي كان يغلي فيها الشارع المصري لمدة أكثر من ثلاث أسابيع نتيجة لتعاطف المصريين مع أهل غزة وكان الإخوان المسلمين ومعهم القوميين والناصريين واليساريين لهم موقف يختلف تماماً مع الموقف الرسمي, تساندهم ترسانة إعلامية ضخمة من صحف ومجلات وقنوات تلفزيونية هي الأكثر تأثيراً وإنتشاراً في المنطقة كلها وليس في مصر فقط, بل تعدي الأمر لوجود أنظمة عربية لها تأثيرها القوي في منظقة الشرق الأوسط سواء كان أنظمة رسمية أو غير رسمية كانت تساند الرأي المخالف للنظام بل وتحث الشعب المصري على الثورة ضد النظام المصري ومع ذلك ظل الأمن مستقر.
أذاً النظام يستطيع حل مشاكل الأقباط والسيطرة على الغوغاء في نفس الوقت لو كان النظام لديه النية الحقيقية للحل، ولكن الحقيقة النظام ليس لديه نية الحل, ولو كان النظام لديه النية لحلت المشكلة منذ زمن بعيد, فالنظام يريد إسكات أقباط المهجر أو قل إخراسهم في مقابل إبتسامات جميلة من السادة المسئولين ووعود براقة كاذبة مضللة خدعنا بها أزمنة عديدة وأصبح لدينا مناعة قوية ضدها فأصبحت تدخل من الأذن اليسرى لتخرج من اليمنى.
ويبذل النظام جهود جبارة هذه الأيام للتمهيد لزيارة مبارك لأمريكا التي قد تكون في مارس القادم فيرسل وفوداً لتهدئة الأقباط أو قل لتنويمهم مغناطيسياً حتى تمر الزيارة بسلام ولا يحدث كما حدث في فرنسا عندما تظاهر أقباط فرنسا أمام مقر إقامة مبارك في حضور ما يقرب من خمسين ملك ورئيس دولة.
وبعد فشل الوفود تحاول الدولة الضغط على الكنيسة لتضغط بدورها على أقباط المهجر حتى تمر الزيارة بسلام، حتي أن بعض الصحف المصرية أرجعت تواجد قداسة البابا في الولايات المتحدة هذه الأيام لتهدئة أقباط المهجر ولمطالبتهم بالهدوء أثناء تواجد الرئيس بالولايات المتحدة.
وأنا أتابع كل هذه الأحداث أجد نفسي مستغرباً لما يقوم به النظام لماذا كل هذا الجهد؟ أليس من الافضل أن نضع أيادينا على مصدر شكوى هؤلاء ونضع حلولاً لها, ماذا لو أخرج القانون الموحد لدور العبادة للنور وقانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين؟ ماذا لو تم عرضهما على مجلس الشعب وصدورهما قبل زيارة مبارك أليس ذلك افضل بكثير من إرسال وفود للخارج تكلف خزينة الدولة آلاف الدولارات؟
الآن الكرة في ملعب النظام ليثبت ولو لمرة واحدة حسن النوايا ويتخذ خطوات إيجابية عملية للحل، ونحن لا ننتظر حل القضية القبطية في مدة شهرين قبل الزيارة ولكن صدور القانونين الذين أشرت إليهم سابقاً ممكن بل هو شيء بسيط لو أراد النظام وسيكون لصدورهما رد فعل طيب لدى كل الأقباط في الداخل والخارج ، هذا إذا أراد النظام أن يثبت حسن النوايا.
أما الإبتسامات العريضة والشعارات البراقة وسياسة اللف والدوران وحتى ساسيات الترقيع وهي صدور قرار سيادية لحل مشكلة ما بعدما تصبح المشكلة قضية رأي عام, فلم تعد مجدية.
فلن يكون سكوت الأقباط بدون ثمن ولن نكون صيداً سهلاً للنظام ولن نعطي فرصة للنظام ليخدعنا للمرة المليون ولأننا بصراحة بطلنا ناكل من الأونطة....