الاثنين، 20 أكتوبر 2008

العفو عن إبراهيم عيسي والترقيع في الثوب المهلهل

صدور قرار الرئيس مبارك بالعفو عن إبراهيم عيسي رئيس تحرير جريدة الدستور, ما هو إلا محاولة لترقيع الثوب المهلهخنل. فمسألة حقوق الإنسان في مصر ومنها حرية التعبير في تراجع مستمر, الأمر الذي جعل وزيرة خارجية الولايات المتحدة تعبر عن أسفها لتراجع مصر عن اتخاذ خطوات جادة في هذه المسألة. ولم تكن كونداليزا رايس هي الوحيدة التي تنتقد النظام المصري من خلال هذا الملف بل العديد من الهيئات والمنظمات الدولية وعلي رأسها الاتحاد الأوربي ناهيك عن المنظمات الغير حكومية والتي تعبر من خلال تقاريرها عن قلقها البالغ لتدهور حقوق الإنسان المصري. وفي مواجهة هذه الانتقادات الدولية يحاول النظام أن يجمل صورته أمام العالم ببعض القرارات السيادية كقرار العفو عن إبراهيم عيسي وهو قرار يشبه الطبيب العاجز الغير قادر علي إجراء عملية جراحية فيعطي مريضة مسكنات قد تهدئ الألم قليلا ثم ما يلبث أن ينتهي تأثير المسكن حتى يعود الألم أكثر حدة. القضية ليست هي سجن صحفي أم لا مهما كان اسم هذا الصحفي، القضية هي كيف يقدم صحفي لمحكمة الجنايات بسبب النشر. القضية هي قضية تعديل قانون الصحافة برمته فلو عدل قانون الصحافة لما كان هناك حاجة لإصدار عفو رئاسي من أجل ألا يسجن صحفي كبير أو صغير. وإذا كان إبراهيم عيسي كصحفي كبير ورئيس تحرير صحيفة كان محظوظا ووجد مساندة من زملاءه الصحفيين المصريين وتعاطف معه الصحفيين من مختلف أنحاء العالم, فهل ذلك ينسينا أن هناك صحفيين ومدونين هم الآن خلف القضبان منهم علي سبيل المثال وليس الحصر الشاب كريم عامر الذي حكم علية بالسجن أربع سنوات (ثلاثة لله وواحدة لمبارك). ولو نظرنا إلي أسلوب الترقيع نجده نفس الأسلوب الذي يتبعه النظام مع الأقباط فمن الحين للأخر يحصل الأقباط علي رقعة (قرار جمهوري) ببناء كنيسة أو ترميم أخري, وعقب كل انتخاب لمجلس الشعب يحصل الأقباط علي رقعة أخري بتكرم السيد رئيس الجمهورية بتعين أربع أو خمس أقباط في مجلس الشعب من العشرة الذي يعطيه الدستور حق تعيينهم, أو تكون هناك مشكلة كمشكلة ماريو وأندروا فيتدخل جهة سيادية لإصدار قرار بنقل الطفلين للسنة التالية. والعجيب إننا نري الصحافة في كل مرة وبكل أطيافها وألوانها تهلل وتطبل من أجل الرقعة بل منهم من يستكثر الرقعة علي الأقباط ومنهم من يأخذ الرقعة كمدخل للممارسة هوايته في الهجوم علي أقباط المهجر ومنهم من يقوم بعمل تحقيقات وحوارات وتصريحات من نصاري الحكومة للتأكيد علي أن الأقباط ليس لديهم مشاكل وإنهم يعيشون عصرهم الذهبي في ظل حكم السيد الرئيس. الآن الصحافة تشرب من نفس الكأس وقد انقسموا حول رقعتهم بين مؤيد ومهلل ومشيد بسماحة وسعة صدر وقلب السيد الرئيس وهي الصحف الحكومية وقليل من الصحف الخاصة . وبين رافض لمعالجة القضية بهذا الأسلوب فالصحف وهي كل صحف المعارضة والغالبية من الصحف المستقلة. ولأنني واحد من الذين يؤمنون بدور الصحافة وتأثيرها القوي وبعد أن شرب الصحفيين من نفس كأس الترقيع أتمني أن تكون رقعتهم سبب في إيقاظ ضمائرهم لرفض عملية الترقيع المستمرة لمعالجة القضية القبطية ومعالجة الهموم القبطية فالحل ليس بناء كنيسة أو ترميم أخري. الحل هو صدور قانون بناء دور العبادة الموحد. الحل ليس تعيين أربع أو خمس أقباط في البرلمان ويكونون كلهم من الموالين للنظام بل بتعديل قانون الانتخابات بما يسمح للأقليات بتمثيل عادل في البرلمان. وحل مشكلة ماريو وأندرو لا يأتي برقعة من السيد وزير التعليم وبتعليمات من السيد الرئيس بنقلهم للصف الثاني الإعدادي بل الحل بصدور قانون يبقي الطفل الذي أسلم أحد أبواه علي دين عقد الزواج الذي أي الطفل نتيجة لهذا العقد إلا أن يبلغ الطفل سن الرشد وعندئذ يخير الطفل بين البقاء علي دين عقد الزواج أو الانتقال للدين الأخر(وهو ما تطالب به جميع الطوائف المسيحية بمصر منذ عام 1977). الترقيع لن يحل أي مشكلة من مشاكل الوطن وهو غير قادر علي تجميل صورة النظام في الداخل ولا تحسين صورة الوطن في الخارج فهاهي رقعة الطفلين أندرو وماريو قد تمزقت بصدور حكم بضم الصغيرين للأب في انتهاك صارخ لحقوق الطفل والأمومة وكل الرقع ستتمزق عند ظهور مشكلة مماثلة فإلي متي نرقع وإلي متي نعطي الوطن مسكنات ونترك الوطن يئن ويتألم و متي نتعلم من تجارب الماضي وتجارب الآخرين. دعونا نبدأ صفحة جديدة مع الوطن ونتكاتف جميعا كمصريين أولا وقبل كل شئ حتى نأتي بثوب جديد للوطن يعيد له كرامته وهيبته ومكانته بين الأوطان ودعونا نلقي بعيدا بهذا الثوب العتيق الذي صار مهلهلا.

ليست هناك تعليقات: