السبت، 4 أكتوبر 2008

بصراحة



بقلم مدحت عويضة :

في الانتخابات النيابية الماضية بمصر أفرزت وصول 444 نائب يمثلون 222 دائرة انتخابية، نجح من بينهم قبطي واحد فقط من بين أربعمائة وأربعين، وهو الدكتور يوسف بطرس غالي ويشغل منصب وزير الإقتصاد. وهذه النتيجة تعتبر عاراً على مصر وعلى المصريين مسلمين قبل الأقباط، ولذلك طالب الأقباط من خلال مؤتمراتهم بتخصيص نسبة تتراوح بين 15% إلى 10% لضمان تمثيل نيابي عادل للأقباط. وكالعادة كان الرفض من قبل النظام، كما أنهم لم يكتفوا بالرفض فقط بل أطلقوا حملة إعلامية من خلال الأجهزة الإعلامية التي تسيطر عليها الدولة بالتعاون مع جماعات تكفيرية وهابية تناصب الأقباط العداء الدائم بتشويه صورة أقباط المهجر واصفين إياهم بالطائفيين، ولم ينسى النظام أن يشرك اليهوذات من الأقباط. وتناسى الجميع أن نجاح قبطي واحد في الإنتخابات هو الطائفية بحد ذاتها وفي أبهى صورها. والحقيقة إن الحقوق تنتزع ولا تمنح وعلى من يطالب بحقوقه لا بد أن يناضل من أجل الحصول على حقوقه، وحتى أكون صادق مع نفسي فقد كنت أحد الكتاب الأقباط ومع لفيف من الأقباط الذين يطالبون النظام بتخصيص نسبة للأقباط أو بتغيير النظام الفردي إلى نظام القائمة النسبية. الذي يعتبر أكثر عدالة للأقليات من الفردي، وها هي الظروف تساعد على تحقيق إحدى المطلبين. ولكن لو كانت القائمة على مستوى الجمهورية وليس على مستوى المحافظات، وظل الأقباط على ما هو عليه فلن يحصلوا على الكثير، بل ربما ظهر أكثر من جمال أسعد في أكثر من مكان، وسبب ذلك ليس هي سلبية الأقباط فقط كما يتصور البعض، ولكن السبب هو تفكك الأقباط، فهذا مع الحزب الوطني وذلك مع الوفد وآخر مع الغد وآخرين مع حزب الجبهة... وقد يقول قائل هذا شيء طبيعي لأننا شعب فلا بد أن يكون بيننا كل التيارات السياسية من أقصى اليمين لأقصى اليسار، وهذا صحيح. ولكن لو نظرنا لتجربة كل الأقليات في العالم التي حصلت على حقوقها لوجدنا وحدتها كانت هي بداية الحصول على هذه الحقوق. فبوحدتك تصبح قوى سياسية لها وزنها، وتجبر الجميع على احترامك وعلى الإنصات إلى مطالبك، فلا حقوق في عالم السياسة للضعفاء. إذاً ما هو الحل؟ كيف نحصل على حقوقنا؟ كيف يكون لنا صوت قوي تحت قبة البرلمان يطالب بحقوقنا؟ كيف نجبر النظام على احترامنا واحترام عقيدتنا وكنيستنا؟
الحل هو أن ينضم الأقباط لأحد الأحزاب في مصر، وعندما أقول الأقباط أقصد كل الأقباط. ولكن قد تقابلنا ثلاث مشكلات في هذه الطريقة..
الأولى: كيف لجميع الأقباط وهم ينتمون لمختلف التيارات السياسية أن ينضموا لتيار واحد؟
والثانية: ماذا عن اليهوذات الذين سينضمون لأحزاب أخرى منها الوطني ومنها الإخواني؟
والثالثة: موقف الكنيسة.
بالنسبة للمشكلة الأولى : أضرب لكم مثلاً بالأكراد، فقد كانت بينهم حروب لدرجة أن عدد الذين قتلوا في حروب كردية - كردية كان أكثر من الذين قتلوا في حروب الأكراد ضد نظام صدام. ولكنهم اتحدوا واستطاعوا تحقيق الكثير من مطالبهم بالرغم اختلافهم وخلافاتهم وحروبهم. ونحن ما بيننا هو خلاف فكري وليس خلاف أدى لحروب بيننا، كما أن وحدتنا من أجل نضال سياسي وليس عسكري، فكيف بنا لا نتحد من أجل تحقيق مطالب شعبنا المظلوم والمقهور والمسلوبة حقوقه.
وبالنسبة للمشكلة الثانية : فلو تم الاتحاد واتفق الكل على اختيار حزب ما فلن يكون لهؤلاء اليهوذات ثمن ولن يكون لهم قيمة ولن يجدوا حزب يضمهم لقائمته، فسبب ضمهم هو لخداع الأقباط للفوز بأصواتهم عن طريق وضعهم في المراكز الأولى في قوائمه. كما حدث مع جمال أسعد في أسيوط، حيث كان هو على رأس قائمة التحالف الإسلامي، بينما كان المرشح القبطي الآخر في آخر قائمة الحزب الوطني، لذلك نجح جمال في خداع الأقباط على أساس أن فرصته أكبر بكثير من القبطي الآخر، ونحن في حالة اتحادنا سيكون مرشحينا الأقباط على رأس القوائم، فمن إذاً سيقبل ترشيح شخص يكرهه الأقباط أو يشعرون أنه منافق؟
ثالثاً: موقف الكنيسة : وهي في الحقيقة في وضع لا تحسد عليه في هذه الحالة- فكلنا يعلم أن الأساقفة يطلب منهم حضور المؤتمرات الجماهيرية للحزب الوطني في مختلف المدن. ولكن بالرغم من وضع الكنيسة المحرج تستطيع الكنيسة أن تعلن وقوفها على الحياد وعدم تدخلها في الشئون السياسية وفي العملية الانتخابية، ولن يستطع أحد أن يلومها.
وفي رأيي الشخصي وبصراحة أنه هذا هو الحل الوحيد للحصول على تمثيل نيابي عادل للأقباط. وإن لم ننتهز الفرصة ونتحد قبل الانتخابات القادمة، فربما تغير الدولة النظام الانتخابي ثانية كما حدث في أواخر الثمانينات، وعلينا أن ننتظر ربع قرن آخر حتى يعود نظام الانتخابات بالقائمة النسبية.


مدحت عويضة

Medhat-eweeda@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: